مواقف من حياة عبد الله بن عمر كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- حريصاً على محاكاة أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- وتقليدها، حتى إنّه رأى ناقة الرسول -صلى الله عليه وسلم- مرّة تدور دورتين قبل أن ينزل عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم صلّى -عليه الصلاة والسلام- ركعتين، فكان عبد الله بن عمر لا يبلغ ذلك المكان الذي رأى فيه فعل الناقة ذاك إلا ويدور بناقته، ثمّ ينزل فيصلّي لله ركعتين، ورأى مرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينزل تحت شجرة، فظلّ يتعاهد تلك الشجرة بالسقاية والرعاية خشية أن تموت أو تيبس، وقد قالت فيه السيدة عائشة رضي الله عنها: (ما كان أحد يتبع آثار النبيّ في منازله كما كان يتبعه ابن عمر).[٢] رأى عبد الله بن عمر -رضي لله عنه- مرّةً أنّه يلبس بيده قطعةً من إستبرق، تذهب به حيث شاء من الجنة، ثمّ جاء اثنان يريدان أن يأخذاه إلى النار، فصار يقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، فلمّا استيقظ أخبر أخته حفصة بذلك، وقصّت هي تلك الرؤيا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (نِعمَ الرَّجلُ عبدُ اللهِ لو كان يُصلِّي منَ اللَّيلِ فيكثر)،[٣] ومنذ ذلك اليوم ظلّ ابن عمر يقوم الليل في حِلّه وترحاله حتى توفّاه الله تبارك وتعالى، وقد كان -رضي الله عنه- شديد الورع حتّى إنّه رفض تولّي القضاء في عهد عثمان بن عفّان، وظلّ مُصرّاً على موقفه، فلما سأله عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عن سبب رفضه، قال: إنّه قد سمع أن القضاة على ثلاثة أنواع، واحد يقضي بالهوى وهو في النار، والآخر يقضي بالجهل وهذا أيضاً في النار، والأخير يجتهد ويصيب، وهذا ليس له أجر وليس عليه وزر، فأعفاه عثمان حينها.[٢] وقد ورد في زُهد عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّ صديقاً له أهداه مرّةً وعاءً مملوءاً فسأله ابن عمر عمّا فيه، فقال له: إنّه دواء يهضم الطعام، فضحك حينها ابن عمر، وقال له: إنّني لم أشبع من الطعام منذ أربعين عاماً أبداً، وقد كان -رضي الله عنه- يزهد في الدنيا خشية أن يكون ممّن قال الله -تعالى- فيهم في القرآن الكريم: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا)،[٤] وقد دخل ميمون بن مهران مرّةً إلى بيت ابن عمر، فثمّن كل ما في بيته من لحف وفراش وبساط، فلم يجده يساوي مئة درهم.