قصة سورة البقرة بدأت أحداث القصة عندما قتل رجل من بني إسرائيل عمّه طمعاً بماله، حيث كان عمه عقيماً ليس له ولد وأراد أن يرثه، فقتله ثمّ ألقى الجثة أمام بيت رجل من القوم في الليل، واتّهم الرجل بقتله، فقام أهل الرجل يدافعون عنه وكاد بنو إسرائيل أن يقتتلوا، لولا قال قائل منهم لا تتقاتلوا واذهبوا إلى بنيّ الله موسى ليدلّكم على القاتل، فذهبوا إلى موسى -عليه السلام- وأخبروه بالأمر وطلبوا منه أن يدلّهم على القاتل، فدعى موسى الله -عزّ وجلّ- أن يبين لهم القاتل، فأوحى الله لموسى -عليه السلام- بذبح بقرة وضرب المقتول بلحمها فيقوم ويخبرهم من القاتل، كما قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)،[٥] فما كان من بني إسرائل إلّا أن تعجّبوا من أمر الله، واعتقدوا بأنّه يستهزأ بهم، حيث قال ابن عباس رضي الله عنه: (فلو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكن شددوا وتعنتوا على موسى، فشدّد الله عليهم)، ثمّ سألوا موسى -عليه االسلام- عن أوصاف البقرة، فقال لهم: إنّها ليست كبيرة ولدت الكثير، ولا صغيرة بحيث إنّها لم تلد، وإنّما هي متوسطة في العمر فاذبحوها، ولكنّهم لم يفعلوا وعادوا ليسألوا عن لونها، فقال لهم: إنّ الله يقول لكم بإنّ لونها أصفر نقي مُشع، تُدخل السرور على من يراها، فلم يفعلوا، وعادوا وقالوا له بإنّ البقر تشابه فادعُ لنا ربّك يبيّن لنا صفاتها لنميّزها عن غيرها، فقال لهم: إنّ الله يقول إنّها بقرة لا تستخدم في حرث الأرض ولا في السقاية ولونها صافٍ لا تشوبه شائبة، فبحثوا كثيراً فلم يجدوا إلّا بقرة واحدة توافق الوصف، فطلبوا من صاحبها أن يبيعهم إيّاها فرفض أن يبيعها إلّا بوزنها ذهب، فاشتروها بعدما أجهدهم البحث عنها وأتعبهم ثمنها، ثمّ ذبحوها وضربوا المقتول بقطعة من لحمها كما أمرهم الله تعالى، فقام المقتول بأمر الله وأشار إلى القاتل ثمّ مات، فكانت نلك الحادثة معجزة من المعجزات الكثيرة التي أنزلها الله على بني إسرائيل، كما قال الله تعالى: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).